السبت، 28 مايو 2016

مقالة في النظم السياسية


هل أنظمة الحكم الفردية هي الأقدر على تقوية معالم الدولة ؟
   
طرح المشكلة :

    تعرف الدولة بأنها كيان سياسي واجتماعي يتمثل في مجموعة من الأفراد يخضعون لهيئة منظمة تسهر على رعاية شؤونهم وفق قوانين يحتلون إقليما جغرافيا معروف الحدود وهي مصدر السلطة والسيادة داخل المجتمع وخارجه وبالتالي فإن السلطة من أهم أركان الدولة إلا أن الفلاسفة والمفكرون قد اختلفوا حول طبيعة السلطة والنظام الذي ينبغي أن يحكم الدولة فهناك من رأى بأن أنظمة الحكم الفردية هي الأقدر على الحفاظ على الدولة في حين هناك من رأى بأن أنظمة الحكم الجماعية هي التي تحفظ الدولة وبقاءها ومن هنا نطرح الاشكال التالي : هل أنظمة الحكم الفردية هي الأقدر على الحفاظ على كيان الدولة ؟ أو بعبارة أخرى أيهما أفضل للحكم الأنظمة الفردية أم الجماعية ؟  

محاولة حل المشكلة :

   يرى الموقف الأول أن أنظمة الحكم الفردية هي الأقدر على تقوية معالم الدولة والحفاظ على أركانها وتتمثل هذه الأنظمة في كل من الحكم الملكي المطلق والحكم الاستبدادي اوالدكتاتوري ففي الحكم الملكي يستمد الملك سلطته من التفويض الإلهي للأسرة المالكة وتكون جميع السلطات في يد الملك ومن أمثلته حكم أباطرة أوروبا والدولة العباسية والأموية أما في الحكم الاستبدادي فإن الحاكم يأخذ الحكم بالقوة ويفرض سلطته بالقوة حيث لا اعتراف بالدساتير والقوانين ولا إيمان بالتعددية الحزبية ولافصل بين السلطات ولايستشير الحاكم في اتخاذ قراراته ويتميز بالقسوة والقوة يقول ميكيافيلي :" الغاية تبرر الوسيلة "  ويقوم بمنع كل الحريات كما أنه يتشبث بالسلطة وهذا النوع من الحكم هو الأقدر حسب هوبز على حفظ الدولة ومنع الأفراد على بعضهم البعض إذ يقول توماس هوبز :" الانسان ذئب لأخيه الانسان " ومن أمثلة هذا النوع من الحكم نجد حكم هتلر ونابليون وموسولوني .

   رغم كل هذا إلا أن هذا النوع من الحكم يؤدي إلى الاضطرابات والفوضى والمشاكل بسبب القمع الممارس كما أن أغلب الدول التي طبقت هذا النوع من الحكم كان مآلها الزوال بسبب غياب العدالة .

   بالمقابل يرى الموقف النقيض أن أنظمة الحكم الجماعية ممثلة في حكم الشعب أو ما يسمى بالديمقراطية هي الأقدر على تقوية معالم الدولة لأن الشعب هو الذي يختار من يحكمه حيث يقوم هذا النوع من الانظمة على فصل السلطات عن بعضها وكذا احترام حقوق الانسان ويقوم على الانتخاب سواءا المباشر كما في الديمقراطية المباشرة التي وجدت عند اليونان أو من خلال نواب ممثلين للشعب يختارهم الشعب بارادته وتقوم الديمقراطية على الشفافية ، يقول جون جاك روسو :" ليس تأسيس الحكومة عقدا بل بل قانونا ، وإن الذين تودع لهم السلطة التنفيذية ليسو أسيادا للشعب إنما موظفوه وبوسع الشعب وضعهم أو خلعهم عندما يرغب في ذلك " ونجد من أنواع الديمقراطية ، الديمقراطية الليبيرالية التي تشجع على الحريات السياسية كالتعددية الحزبية وحرية المعارضة والتعبير والملكية وغيرها من الحريات يقول هنري ميشال :" إن الغاية الأولى للديمقراطية هي الحرية " كما نجد الديمقراطية الاجتماعية أو الاشتراكية والتي نادت بالعدالة الاجتماعية بدل الحريات السياسية كالمساواة وتكافؤ الفرص ونبذ الاستغلال .

   صحيح أن قيم الديمقراطية رائعة ولكن الواقع يثبت أن الديمقراطية أصبحت شعارا وأداة للوصول إلى السلطة فحتى الديمقراطية المباشرة عند اليونان كانت تقصي فئات من الشعب كالعبيد والمواطنين الأقل من عشرين سنة ومن لم تكن أمه أثينية ، والديقراطية السياسية أهملت العدالة الاجتماعية اما الديمقراطية الاشتراكية فقد أهملت الحريات السياسية .

   بعد عرضنا للموقفين المتعارضين نجد بأن أفضل الأنظمة هو نظام الشورى الإسلامي الذي يشمل جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية قال الله تعالى :" وشاورهم في الامر " وقال :" وأمرهم شورى بينهم " فالشورى من الأنظمة التي تمكن الشعب من المشاركة في أمور الحكم وكرأي شخصي نجد بأن نظام الحكم الجماعي هو الأقدر على الحفاظ على أركان الدولة ومن أفضل صوره الشورى .

حل المشكلة : 

   في الأخير نخلص إلى القول بأن قيام الدولة وأساس بقائها لا يكون إلا بضمان الحريات بمختلف أنواعها وكذا بمشاركة الشعب في تسيير شؤونه لذا فإن الحكم الجماعي هو الأقدر على تقوية معالم الدولة ولعل نجاح نظام الشورى الإسلامي أهم دليل على ذلك  .                     


هناك تعليقان (2):

  1. شكرا على المقال .لم أفهم التجاوز بنظام الشورى أرجو الرد

    ردحذف
  2. نحوس تعريف اركان الدولة و الانظمة الساسية للدولة والانظمة الجماعيةو نظام الديمقراطي الله يحفضكم 🙂

    ردحذف

يتم التشغيل بواسطة Blogger.