الأربعاء، 4 مايو 2016

من أهم المقالات

هل تعتقد بأن قواعد المنطق الصوري تعصم الذهن من الوقوع في الخطأ ؟

هل المنطق الصوري ضروري لكل تفكير ؟
  
طرح المشكلة : 
   يعتبر علم المنطق الصوري من العلوم العقلية التي ظهرت قديما حيث أسسه أرسطو وسماه بالتحليل أو الأورغانون وقد عرفه بقوله:  " هوالعلم الذي تعصم مراعاته الذهن من الوقوع في الخطأ " حيث بوب أبوابه وحدد مباحثه و أقسامه إلا أن الفلاسفة والمفكرون قد اختلفو حول أهمية هذا العلم فهناك من رأى بأن المنطق الصوري ضروري لكل تفكير في حين هناك من رأى بأنه لاضرورة له ويجب الاستغناء عنه ومن هنا يتبادر إلى أذهاننا الاشكال التالي : هل المنطق الصوري ضروري لكل تفكير أوبعبارة أخرى هل يمكن أعتبار المنطق الصوري علم تعصم مراعاته الذهن من الوقوع في الخطأ ؟


محاولة حل المشكلة :
الموقف الأول :
     يرى الموقف الأول أن المنطق الصوري ضروري لسلامة الفكر من التنازع والتناقض مع نفسه ويمثل هذا الموقف مؤسسه أرسطو وشراحه من المسلمين أمثال الفرابي والغزالي وغيرهم حيث أعتبر الفرابي المنطق الأرسطي أورغانون وميزان العقل إذ به يستقيم الفكر إذ يقول في هذا :" فصناعة المنطق تعطي بالجملة القوانين التي من شأنها أن تقوم الفكر وتسدد الانسان نحو طريف الحق ونحو الصواب " ، كما أن ابن سينا اعتبر المنطق  رئيس العلوم واعتبره الفرابي فرض كفاية ، فكل عالم ينبغي أن يتمكن من قوانينه يقول الغزالي : " إن من لا يعرف المنطق فلا ثقة في علومه أصلا " وفي الفلسفة الغربية نجد هانزريشنباخ يرى أن في جمع قوانين المنطق في شكل نظرية أمر يعود الفضل فيه إلى أرسطو وبهذا كان لعلم المنطق الصوري أهمية كبيرة عند العديد من المفكرين .
النقد :
     رغم ماقدمه هذا الموقف من حجج إلا أن المنطق لم يجد الترحيب من بعض العلماء والمفكرين فهو مجرد تحصيل حاصل ونتائجه متضمنه في المقدمات وهومنطق عقيم لا يأتي بجديد كما أنه بقي مرتبطا بالفلسفة ولغتها اللفظية في حين استقلت جميع العلوم عن الفلسفة .
الموقف الثاني :
   بالمقابل يرى الموقف النقيض أن المنطق الصوري لا أهمية له بل يجب الاستغناء عنه حيث عارضه العديد من العلماء المسلمين كابن صلاح الذي رأى بأن المنطق مدخل الفلسفة ومدخل الشر لأنه سينقل للمسلمين عقيدة وثنية مخالفة لعقيدتهم ولذا أصبح شائعا عند المسلمين أنه من تمنطق تزندق حيث يقول ابن صلاح :" فأبوبكر وعمر وعثمان وفلان وفلان وصلوا إلى الغاية من العلم دون أن يكون لهم علم بالمنطق " كما أن تلميذه ابن تيمية رفض هو كذلك المنطق ونقده نقدا منهجيا بعد أن درسه إذ يقول: " ليس كل ما أثبتوه بالمنطق كان صحيحا وليس كل ما نفوه به كان خاطئا " ورأى بأن المنطق الأرسطي لا يخالف المنقول فقط بل حتى المعقول ، أما في الفلسفة الحديثة فنجد الفيلسوف الفرنسي ديكارت يرى بأن المنطق الصوري التقليدي مجرد منطق عقيم لا يأتي بجديد ونتائجه متضمنة في المقدمات فهو مجرد تحصيل حاصل .
نقد :
   رغم الرفض الذي لاقاه المنطق الأرسطي إلا أنه يعتبر من العلوم العقلية القديمة التي كانت بداية للتفكير الحديث كما أن الناس في حياتهم اليومية يعتمدون عليه في استنتاجاتهم والأحكام التي لا تستند إلى المنطق تعتبر مرفوضة .
التركيب :
   بعد عرضنا للموقفين المتعارضين نجد أنه إذا كان الجهل بالمنطق لا يعطل الفكر فإن المعرفة به تزيد الفكر خصوبة ولذا فإنه ينبغي الأخذ بهذا العلم فيما يتوافق معه وتركه فيما لا يتوافق معه كأمور الدين وكرأي شخصي فإن علم المنطق على الرغم من الرفض الذي لاقاه من طرف بعض العلماء إلا أن الانسان يعتمده كميزان للأفكار السليمة .
حل المشكلة :
   في الأخير نخلص إلى القول بأن المنطق الأرسطي بقي لعقود من الزمن ميزان التفكير السليم إلا أنه لم يحقق له وجودا مستقلا عن الفلسفة كما هو الشأن في باقي العلوم التي استحدثت لغة رمزية خاصة جعلتها تنفصل عن الفلسفة وتجاري الدقة واليقين .  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.